حبر

Sunday, February 11, 2007

وهكذا أصنع مساءً من مساءاتي

لاأدري هل يحق للمرء أن يقتحم وجدان الآخرين ويخترق أقلامهم ليقتبس منها أغلى حالات المصالحة مع النفس والجمادات والموجودات من خلال الاستيلاء على عنوان أو جملة أو كلمة في سطر بصفحة مزدحمة بالسطور والجمل المفهومة وغير المفهومة أم لا؟؟!!.. شخصيا أنفجر وأتميز غيظا عندما أجد أحدهم قد اقتبس موضوعا من موضوعات أعرف أسماء أصحابها جيدا –وقد تكون لي- قام هو بمحو أسم من كتبها وذيلها باسمه ولا يعفيه تغيير العنوان أو بعض الجمل البسطية من مسئولية القرصنة الفكرية


أعتقد أن المقدمة كانت واجبة حتى أبرر لـ صديقتي "دعاء سمير" ما قمت به من عملية استيلاء على عنوان كانت قد كتبته في يومية جميلة على كروان اسمتها "وهكذا أصنع صباحتي" صحيح أنني قد قلبته إلى مساءاتي – وهي كلمة شككت في مدى سلامتها وصحتها أصلا من الناحية اللغوية ولكني في نفس الوقت عزفت عن السؤال عن الصواب كعادتي اللحوحة لأني هذه المرة كنت مصرا عليها كما هي، لماذا لا أدري؟؟!! – لكن هذا لا يمكن أن يدفع عني حالة الالتباس التي شعرت بها كما لو أنني سطوت على لحظة صنعتها هي وامتلكتها وقفزت أنا بكل "غتاتة" لأشاركها فيها


كانت عقارب الساعة تشير إلى الثامنة مساء وكان الملل قد استكان وهدأ بعد أن غزى عقلي وتفكيري وصحبته علامات الوجوم والصمت العميق إلا من بعض المحادثات الخفية التي حاكها مخي وأعطى بها أوامر سرعان ما نفذتها باقي الخلايا طائعة لتنطلق تعبيرات الإحباط واليأس عبر وجهي فتحتله رغم عن عني


كنت قد انتهيت لتوي من قراءة بعض الصفحات في كتاب "خريف الغضب" حتى قررت إغلاقه بلا عودة بعد أن تملكتني حالة من السخط وعدم الرضا بسبب تلك النعرة العنصرية التي ساقها "محمد حسنين هيكل" –رغم تقديري الشديد لكتاباته وشخصه وتاريخه- في معرض حديثه ونقده للـرئيس "محمد أنور السادات" بعد ان رد كل عيب ونقيصة وخطأ ارتكبه طوال حياته السياسية إلى عقدة اللون بسبب أصله المنحدر من أم سودانية تسمى "ست البرين" وأب مصري فقير.. حاولت دفع نفسي خارج تلك الدائرة سريعا فامسكت بكتاب "الأطباء لا يقولون آه" للدكتور "بستاني نعمان" وهو كتاب بحق غاية في المتعة ينطلق بك من المقدمة ويجوب بك في رحلة داخل عالم غريب وجديد محاط بالبنج ورائحة المستشفيات والأدوية.. تضحك فيه من قلبك لكن سرعان ما ستبكي حتى تفاجئ بأن الغلاف الخارجي يداهمك ليعلن النهاية.. ماذا أفعل.. انتهى كل شيئا إذن وبدأت ملامح الإحباط والملل تعود إلي من جديد ولم يعد أمامي سوى الهروب من دفء السرير وحنانه إلى الخارج لربما أجد بغيتي مع أحد الأصدقاء


دلفت إلى الخارج وتركت ساقي تأخذني إلى ما تريد وقبل أن أعبر الشارع داهمتني فكرة جنونية قد تكون غريبة بعض الشيء لكنها أعجبتني.. تذكرت فجأة أن رواية "واحة الغروب" لـ"بهاء طاهر" التي أعارها إياني صديقي "محمد هشام" بقى لها قرابة الـ 33 صفحة وتنتهي.. بدون أدراك بحثت عن شيئا إضافي يمنحني جوا مريحا مع مأمور الواحة وزوجته "كاثرين" وأختها "فيونا" ويصنع لي أمسية فريدة بعيدا عن ذلك الوحش الجائع المسمى بالملل.. ولأن "دعاء" كانت رومانسية وصنعت لنفسها صباحا مع الشيكولاته والنسكافيه.. ولأني لا أشبه أحدا على الإطلاق وتفكيري دائما خارج نطاق الخدمة فقد صنعت لنفسي مساء مع سندويتشات القشطة بالعسل انهيت بها الرواية وقضيت بها على نفسي وخلدت بعدها لنوم عميق!!!

Monday, November 27, 2006

نظرات عويناتي

كلمات صدقا وبعدها عبارات كذبا.. ضحكة صفراء.. ونظرة حمقاء.. وبعدها، وبعدها يبدأ الشقاء.. ويبيت الاحمق ليلته يظن انه قد امسك النجوم وناطح السحاب، فلما سألها الهمته الجواب ولما احبها عاندته وأذاقته بأس الشراب.

كان يتأمل في محياها الجميل ويغوص في تفاصيل دهاليز ضحكاتها ووجنتيها الرقيقة العطرة وحركات فمها وتموجات الهواء التي تراقصت حول شعرها وصنعت منه صورة أبهى من صورة البحر في ليلة قمرية ناصعة الصفاء.. لكنها أيقظته بكلماتها الباهتة التائهة ايقظته ككل مرة تفعلها، داعبها فصدته راوغ وحاول أن يثنيها لعلها تدرك أنها لحظة الحب التي لا تعوض.. لكنها في تلك المرة كانت الأخيرة رغم أنفه وأنفها ورغم كل شيء لأنه القوي الذي لا يمكن أن ينصهر لأنه القسط
والميقات والحد والسيف والأقوى من البشر.. لأنه القدر.

*************
نظر حوله نظرة زائغة وأبعد عينيه عنهما للحظات.. عابث عيوناته وأتهمها بالغش والخداع وصارع أفكاره واتهمها بالهلوثة والجنون وغدت شخوصه تتحدث في أحشائه.. نعم قد تكوني أنت الكاذبة قد أغيرك قد أمحوك من حياتي قد أحطمك تحت أقدامي وأعلم أنني بعدها لن أرى لكن أرجوك لا تقولي أنها هي..
*************

لكنها هي ولا يمكن أن تكون غيرها فالهمس أعرفه والضحك والصمت وكل تلك الحركات أدركها.. أليست تلك يدها التي لطالما غزلت ونسجت في أحضاني يدي بأرق سيقان الورود "بحبك" أليست تلك عيناها التي رسمت لي في مخيلتها أفضل صورة زيتية كانت تتمنى أن تحلم بها.

الآن أفقت ولكن بعد طول غفوة غابت عني فيها صورة الكون الدميم، لكن أستحلفتك بالله لا تغضبي.. لا تحزني.. ولا تشتكي فلن أتخلى عنك ولن أغادر أحضان يديك الحديديتن، سامحيني فلن أقولها حتى في نفسي مرة أخرى.. وسأظل أداعبك على أنفي وأضعك تحت رموشي وأنظفك بمنديلك الناعم.. فأنت عندي أبقى من ذلك الكون القبيح يا عيوناتي.

Thursday, March 30, 2006

بصمات كفها

بصمات كفها

نظرت إليّ بشغف.. استغربته كثيراً.. تفحصتني بعينيها الدقيقتين .. أكاد أسقط مغشياً عليّ من الخجل.. وجهي لم يعد به نقطة حمراء.. أظنه قد بات أصفر شاحباً.. لم أتخيل في يوم من الأيام أن تنظر إلي واحدة منهنّ.. واحدة ممن أذبن عقلي وفؤادي.

أطالت النظر.. ودققت في الملامح حتى أنني أردت أن ألتفت إليها بكل جسدي لأرمقها باهتمام كما ترمقني.. لكن لولاه هذا الكائن الساكن في أعماق أعماقي.. لا لا، هذه المرة لن أمنحها له ستنظر عيناي إليها وليتحطم الخجل وليتهدم على حافة عويناتي.

جميلة هي.. والمطر والليل قد زادا على جمالها رونقاً من المحال أن تصفه أو تمسكه بيديك.. فقط يلمسه وجدانك وتتحسسه عاطفتك التي لا تعرف عن الحب شيئاً سوى تنفس رائحة النسيم التي تشع من جسدها.

قالتها بخفة.. لا.. أظنها تهمس.. تريد محادثتي هي.. أظنني الآن قد نجحت وأصبحت جذاباً.. عبثاً حاولتُ أن ألتقط أول خيط من كلامها بعدما بعثرته حبات المطر التي تكسرت مع أول ارتطام لها بأجسادنا.. بالفعل قالتها وسمعتها لكن دوي انفجارها. كانت أشبه بقنبلة ارتطمت بجبل فأزاحت عنه جبروته فبات ضعيفاً واهناً لا يقوى على الحراك.

ذهبتُ إلى أول مرآة قابلتها على واجهة ذلك المحل الذي وهبنا -من دون قصد- صدق الرؤية وبشاعة الواقع.. فنظرت لها أحاول لملمة ما تبقى لي من حيل الخداع والمرواغة أنني مازلت هو أنا، ذلك الشخص المهمش الذي ألقاه الكون على حافته وتركه يدور حول نفسه.. مهترئة ملابسي.. وجسدي قد اشتكى مرارة التشقق، ولم يعد شعري خفيفا ناعما بل بات ثقيلا خشنا أعيته نومة التراب.. يالغرابة وصفي..! أيحمر وجهي ويصفر مثل الجميع؟؟ كاذب أنا فقد خدعني غروري وشعوري بأنني مازلت بشرياً، فالوجه قد غطته غلاظة الحياة وحفرت فيه بمسمارها ومسارها الخشن نقراً وحفراً وندبات.

لم تكن نظراتها إعجاباً.. لم يكن كلامها إلهاماً.. لا على الإطلاق، بل كانت تلك الشفقة الحمقاء التي لطالما طالتني من نظراتهن.. ويا ندمي على وقت قد أفرغته في أحضانها متخيلاً.. أن تكون بجانبي..

فقد خطفها من أمامي وطار بها بعيداً.. رمقتهما وأوصلتهما إلى أبعد حدود البصر حتى ذابا وأصبحا سرابا.. وتحسست كفي المفرود على آخره فشعرت بها.. تلك القطعة الفضية التي ناولتني إياها.. فقبضت عليها بعزم ما أملك- وياليتني املك- لعلي ألمس ما تبقى من بصمات كفها الرقيق.


*************